ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻟﻴﺲ
ﺷﻴﺌﺎ ﺳﻮﻯ
ﺃﻥ ﺗﺮﻯ
ﺍﻟﺸﻲﺀ
ﺟﻤﻴﻼ! ﻭ
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺒﺪﻭ
ﺃﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺃﺣﺪ ﺃﻥ ﻳُﻌﺮﻑ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ
ﺗﻌﺮﻳﻔﺎ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎ ﻓﺎﻟﺠﻤﺎﻝ ﺃﺟﻤﻞ ﻣﻦ ﺃﻥ
ﻳﺘﻢ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ! ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺣﺪ ﺃﺳﺒﺎﺏ
ﺍﺳﺘﻌﺼﺎﺀ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ
ﻟﻴﺲ ﻗﻴﻤﺔ ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺑﻞ ﻫﻨﺎﻙ
ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻭ ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﻄّﺒﺎﻉ ﻓﻠﻴﺲ
ﻣﻘﺼﻮﺩﺍ ﺑﻤﻘﻮﻟﺔ “ﻓﻼﻥ ﺟﻤﻴﻞ” ﺃﻧﻪ
ﻳﻤﻠﻚ ﻭﺟﻬﺎ ﺣﺴﻨﺎ ﺑﻞ ﺭﺑﻤﺎ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ
ﺟﻤﺎﻝ ﺭﻭﺣﻪ ﻷﻥ ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻳﻔﻨﻰ ﺃﻣﺎ
ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻓﻴﺒﻘﻰ، ﻭﻟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﺘﺒﺮ
ﻣﺒﺮﺭﺍ ﻭ ﻣﻔﺴﺮﺍ ﻟﻠﻤﻘﻮﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺴﻤﻌﻬﺎ
ﻛﺜﻴﺮﺍ “ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺷﻲﺀ ﻧﺴﺒﻲ” ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ
ﻓﻌﻼ ﺷﻲﺀ ﻧﺴﺒﻲ ﻭ ﻟﻜﻦ ﻧﺴﺒﻴﺘﻪ ﻻ
ﺗﺮﺟﻊ ﻟﺬﺍﺗﻪ ﻓﻬﻮ ﺛﺎﺑﺖ ﻻ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻭﻟﻜﻦ
ﻧﺴﺒﻴﺘﻪ ﺗﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻗﺪﺭﺓ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻋﻠﻰ
ﺗﺬﻭﻗﻪ. ﻓﻬﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺃﺫﻭﺍﻕ. ﻭﻗﻠﻴﻠﺔ
ﻫﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺟﻤﻊ ﺍﻟﺒﺸﺮ
ﻋﻠﻰ ﺟﻤﺎﻟﻬﺎ.
ﻟﻨﻀﺮﺏ ﻣﺜﺎﻻ ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ، ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ
ﻳﺮﻯ ﺃﻫﺮﺍﻣﺎﺕ ﺍﻟﺠﻴﺰﺓ ﺑﻨﺎﺀ ﻣﻌﻤﺎﺭﻳﺎ
ﺿﺨﻤﺎ، ﺗﻢ ﺑﻨﺎﺅﻩ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻋﺠﻴﺒﺔ ﻟﻦ ﻳﺘﻢ
ﺍﻟﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺮﻯ ﻓﻴﻪ ﺃﻱ
ﻣﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻵﺧﺮ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻳﺮﺍﻩ ﺗﻤﺜﻴﻼ
ﻟﻠﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﻬﻨﺪﺳﻲ ﻭﺗﺤﻔﺔ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭ
ﻭﺗﻌﺒﻴﺮﺍ ﻋﻦ ﺩﻗﺔ ﺍﻟﺤﺴﺎﺑﺎﺕ ﻭﺇﻋﺠﺎﺯﻫﺎ
ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﻔﻠﻚ ﺟﻤﻴﻌﻬﻤﺎ. ﺍﻷﻣﺮ
ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻳﻌﻮﺩ ﻟﻤﻘﺪﺭﺓ ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ –
ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺯﻋﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﺤﻜﻤﺘﻪ ﻭﺭﺣﻤﺘﻪ
– ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ.
ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺃﻧﻪ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﻃﺮﻗﺎ
ﺧﻔﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻗﺪ ﻳﻌﺠﺰ ﻫﻮ ﺫﺍﺗﻪ
ﻋﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮﻫﺎ، ﻓﻬﻲ ﻣﻘﺪﺭﺓ ﻭﺣﺲ ﻓﻨﻲ
ﺯﺭﻋﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻓﻄﺮﺗﻪ، ﻓﺘﺠﺪﻩ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺗﺄﺛﺮﺍ
ﻋﺠﻴﺒﺎ ﺑﺄﺷﻴﺎﺀ ﻗﺪ ﺗﺒﺪﻭ ﻟﻠﺒﻌﺾ ﺃﻣﺮﺍ
ﻋﺎﺩﻳﺎ ﺑﻞ ﻗﺪ ﻳﺼﻞ ﺑﺎﻟﺒﻌﺾ ﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺫﻟﻚ
ﺍﻷﻣﺮ ﺳﺬﺍﺟﺔ ﻭﺳﺨﻔﺎ. ﻧﺴﻤﻊ ﻋﻦ
ﻓﻨﺎﻧﻴﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻐﺮﻣﻴﻦ ﺑﺮﺍﺋﺤﺔ ﺃﻭﺭﺍﻕ
ﺍﻟﺠﺮﺍﺋﺪ ﻭﺭﺍﺋﺤﺔ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﻓﺘﺠﺪﻩ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺸﺘﺮﻱ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻻ ﻳﺘﺼﻔﺢ ﺍﻟﻔﻬﺮﺱ
ﻭﻻ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻠﺒﺚ ﺃﻥ ﻳﻠﻘﻲ
ﻧﻈﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﺍﻟﻐﻼﻑ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ
ﺍﻟﺠﺬﺍﺏ ﺣﺘﻰ ﺗﺠﺪﻩ ﻓﻲ ﺧﻠﺴﺔ ﻗﺪ ﺩﺱ
ﺃﻧﻔﻪ ﺩﺳّﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﺴﺘﻨﺸﻘﺎ ﺭﺍﺋﺤﺘﻪ،
ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻳﺸﻢ ﺍﻟﻨﺴﻴﻢ ﺍﻟﻌﻠﻴﻞ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻔﺠﺮ!
ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﻧﺮﺍﻩ ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻞ ﻣﺘﺤﻔﺎ ﻓﻨﻴﺎ
ﻟﻸﺛﺎﺙ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻳﺒﺪﺃ ﻓﻲ ﺍﻻﻗﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ
ﻣﻦ ﺍﻷﺛﺎﺙ ﻭﻳﻠﻤﺲ ﺑﻜﻠﺘﺎ ﻳﺪﻳﻪ ﺍﻟﻘﻄﻊ
ﺍﻟﻤﻄﻌّﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺸﺐ ﻭﻳﻘﺘﺮﺏ ﺑﻌﻴﻨﻴﻪ
ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻘﻄﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻤﺮ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ
ﻣﺮﻭﺭ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ، ﺗﺠﺪﻩ ﻳﻘﻒ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ
ﺍﻟﺪﻗﺎﺋﻖ ﺍﻟﻄﻮﺍﻝ ﻳﻨﻬﻞ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻟﻬﺎ ﻭﻳﻤﻸ
ﺭﻭﺣﻪ ﻣﻦ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﻄﻖ ﺑﻪ
ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﺤﻔﺔ ﺍﻟﺼﺎﻣﺘﺔ ﺷﻜﻼً، ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻤﺔ
ﺭﻭﺣﺎ ﻭﻓﻨﺎً! ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺭﺃﻳﻨﺎﻩ ﻳﺸﻢ
ﺍﻟﺮﺍﺋﺤﺔ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﺑُﻌْﺪ، ﻓﺘﺮﺍﻩ ﻳُﻤﺴﻚ
ﺑﺼﻮﺭ ﺫﻛﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻟﻚ ﺃﻧﺎ
ﺃﺷﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺭﺍﺋﺤﺔ ﻛﺬﺍ
ﻭﻛﺬﺍ ! ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺗﺮﺍﻩ ﻳﺤﺮﺹ ﻋﻠﻰ
ﺟﻤﻊ ﺍﻟﺘﺤﻒ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺯﻳﺎﺭﺍﺗﻪ ﻟﺠﻤﻴﻊ
ﺃﻧﺤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻛﻠﻔﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺎﻝ
ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ، ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻟﺸﻲﺀ ﺇﻻ ﻷﻧﻪ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﺣﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻳﺸﻌﺮ
ﺑﺎﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﻭﺍﻟﻬﺪﻭﺀ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ
ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ! ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺗﺮﺍﻩ
ﻳﻌﺸﻖ ﻧﻈﻢ ﺃﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭ ﺗﺘﺮﻃﺐ
ﺃﺫﻧﻪ ﺑﺄﺑﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺗﻬﺰﻩ ﻫﺰﺍ
ﻭﻳﺠﻠﺲ ﺑﺠﻮﺍﺭﻩ ﺁﺧﺮ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻟﻜﻨﻪ
ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﺃﻱ ﺟﺪﻳﺪ ﺃﻭ ﺃﻱ ﺟﻤﻴﻞ! ﻻ
ﺃﻟﻮﻡ ﻫﺬﺍ ﻭ ﻻ ﺫﺍﻙ ﻓﻬﺬﺍ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻓﻲ
ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ )ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ( ﺑﺎﻟﺠﻤﻴﻞ
ﻭﺍﺧﺘﻼﻑ ﻓﻲ )ﺗﺬﻭﻕ( ﺍﻟﻔﻦ.