"بسمـ اللهـ الرحمنـ الرحيمـ"
قال تعالى : (طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) ) طه
عندما قرأت هذه الآيات شعرت بأنني أقرؤها للمرة الأولى ...
تفكرت فيها و بدأت أعيد قراءتها من جديد ...
طبعاً هذه الآيات موجهة لنا كأمة مسلمة ..
أمة القرآن الكريم و ليست إلى سيدنا طه فقط عليه الصلاة و السلام فقط
بالفعل القرآن لم يكن يوماً شقاءً لإنسان قرأ فيه بقدر
ما كان راحة و سكينة و هدوء و صحة...
فلو تمعنا في كل آية من آيات القرآن الكريم لوجدنا فيها خير و صلاح
هذا الإنسان من كافة النواحي (( نفسية و عقلية و روحية وجسدية و فكرية
و اجتماعية و علمية و خلقية و سواها من كافة الأمور ))
لو تمعنا لوجدنا في هذا القرآن أنواع النفس الإنسانية
النفس المطمئنة و النفس اللوامة و النفس الأمارة بالسوء
لوجدنا صفات المؤمن الحق و صفات الكافر و صفات المنافق و ما تخفي الصدور
لوجدنا فيه صفات من تمسك بحبل الله المتين ...
الذي لا يعرف معنى الهوان و لا الخضوع و لا الذل و لا اليأس و لا الضعف و لا الخذلان
المؤمن الناجح بكافة المقاييس و بكل المستويات
فقد كرّم الله الإنسان عندما خلقه و أمر الملائكة و الشياطين بالسجود له
و في حين رفضت الشياطين السجود طُرِدت من الجنة
كيف يكرم الله الإنسان فيذل الإنسان نفسه ؟؟؟
يذلها حين يعصي الله فيشعر بصغر نفسه .. يقلل من شأنها أمام نفسه و أمام غيره ...
عالج قرآننا الكريم كل أمراض النفس بآيات محكمات محفوظات
فلو عاد كل فرد منا إلى القرآن لشفي مما فيه ..
* فقال تعالى : (( ألا بذكر الله تطمئن القلوب )) للقلوب الواجفة الخائفة التائهة
* و قال ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله .... )
دعوة منه لعدم اليأس فلا ييأس إلا الكافر القانط من رحمة ربه
* كما أنه حثنا على الصبر في آيات كثيرة جداً لنكون أشد و أقوى ...
* وحثنا على التوبة لنتخلص من تأنيب الضمير و الشعور بالذنب والنقص و ذكر لنا
بأن الله يغفر الذنوب جميعاً ففتح لنا باباً لنعود أصفياء أنقياء نافعين من جديد
* أمرنا أيضاً بالمغفرة و السماحة حتى لا تسود قلوبنا و نتعلم الحقد و ننشغل بالانتقام ..
فما هذه الأمور إلا دمار للنفس و سبب لهلاكها
* حثنا على الاستزادة بالعلم لحل مشاكلنا و تدبير أمورنا و إصلاح أخطائنا ...
* أمرنا بالقتال لنكون أقوياء أشداء وتكون العزة لنا فلا نذل ولا نرضخ
فليست من طباع النفس البشرية الذل و الهوان و العجز و الضعف
و غيرها الكثير الكثير
وقانا الله من أمراض كثيرة جداً و أوجد لنا شفاءً لمن يقع و يبحث عن علاج
ما من مرض إلا و له علاج و علاج هذه النفس هي القرآن ...
هذه النفس التي خلقها الله لا يعلم سرها و مستودعها إلا الله تعالى
و من خلال مقارنتي بين الماضي والحاضر و بين من هو متمسك بكتاب الله أو غير متمسك
إتضحت لي صورة واضحة بأن القارىء للقرآن و المتأثر به إنسان هادىء مطمئن
راضي بقضاء الله متفوق و ناجح ... صبور و محب و معطي بلا حدود و خير ناصح ..
مبتسم ومقبل على الحياة بكل ما فيها .. عالماً بأنها دنيا فانية و له الدار الباقية
أما الغير قارىء أو القارىء لكن غير متأثر فهو متشنج .. مكتئب .. حزين ..
خائف .. ضعيف .. متردد .. يائس .. لا يقنع بكل ما لديه ويطلب المزيد دوماً
وبعد كل تعبه لا يشعر بقمية لحياته ويجد نفسه وحيد لا أنيس و لا قريب
فكم الفرق كبير و واسع ؟؟؟
قد أكرمنا الله بالقرآن الكريم فجعله نور صدورنا و جلاء همومنا
و أحزاننا و خير معين لنا على الدنيا و فواتنها
كما أنه لا تسمو النفس و لا ترتقي و لا تبلغ ذروتها إلا إذا طمحت للجنة ...
طموح سماوي مرتفع عظيم خالد بعيد عن زحام الأرض و تلوث الأرض و فناء الأرض
بالفعل لن تصل النفس لذروتها في كافة النواحي إلا إذا عادت لخالقها و صانعها
و كلما تقربت أكثر إزدادات رفعة و مهابة
و كلما ابتعدت إزدادت إنحطاطاً و مرضاً
فيا من يعاني من أمراض و هموم و لا يجد لنفسه حلاً ... عودوا لله تعالى ..
عودوا للقرآن الكريم و السنة المطهرة و أعيدوا لأنفسكم
سموها و رقيها و طموحها و أهدافها العليا
أعاننا الله جميعاً على تلاوة القرآن الكريم و الإستفادة منه و أدام لنا وافر الصحة
و السعادة و التوفيق و جمعنا في جنة الخلد حيث لا نصب و لا حزن و لا مرض ..